2009/02/07

أبي .. ذلك العملاق

أبي..ذلك العملاق 

صورة لأبي في شبابه.. بعدسته )

هذا  ما خطه أبي يوم ولادتي )

 

... بيدي تلك الصغيرة 

أقبض على كل الأمان في الدنيا بقبضي على سبابته بكل كفي....

أسير معه وأنا أشعر أن كل بقعة تطأها فدمه وقدمي الصغيرة خلفه تصبح وطنا آمنا لي...

فلا أعلم إلى أين أذهب ولا يهمني الطريق...

فمعي وطني وأماني وطمأنينة نفسي...

حينما يتأخر في حضوره للمنزل عن موعده المحدد بعد صلاة العشاء...

أبدأ بالبكاء خوفا عليه وعلى أمان حياتي....

وتظل أمي تهدئ من روعي حتى يعود...


أبي ذلك العملاق في عطائه الّلا محدود....

وحنانه العظيم....وشخصيته الفريدة....

قد تقولون كل بنت بأبيها معجبة...

ولكن لم يكن ذلك إحساسي أبدا...

فلم أكن أعي في صغري ما يفعله من أجلي 

ولم يكن ذلك الأب الذي أجرؤ أن أرتمي في حضنه أو أجرؤ أن أتدلل عليه...

كان شخصية قوية صارمة حازمة....

ولكنه في نفس الوقت نبع حنان لم يجف حتى بعد رحيله...


فتحت عيني على الدنيا وبدأت مراحل الدراسة في الروضة ثم الابتدائي....

ورغم دخله العادي..ألحقني بأفضل مدرسة خاصة في ذلك الوقت....

كان يوقظني صباحا حتى لا يزعج أمي....

يتابعني حتى أرتدي زيي المدرسي..

يسرّح لي شعري....

يصنع لي ساندويش ويضعه في حقيبتي 

ويوصلني حتى تصل حافلة المدرسة وأصعد إليها..

عودني أن أذاكر دروسي يوميا....

فكبرت على حب العلم والرغبة في التفوق والتميّز...


كنت أخشى أن أبوح بالكثير من مشاعري له....

ولكنني كنت أشعر أنه يعرف كل ما يدور في رؤؤسنا الصغيرة والكبيرة..

لم أكن أمرض أو ترتفع حرارتي إلا ويده أول يد أجدها على جبيني...

يجلس عند قدمي..يناولني الدواء بنفسه..يأخذني للطبيب...

شببت عن الطوق...وكبرت...

ولكن هو ظل كما كنت صغيرة..حنانا وحبا واهتماما...وعطاءا....

يبني شخصياتنا ويتابعها...بصمت وهدوء...

لم يكن أبدا يستطيع أن يجلس على سفرة الغداء أو العشاء وأحدنا غير موجود...

ينادينا جميعا ثم يجلس مطمئنا ويبدأ أكله...

إذا بقي من الطعام قليلا يكف يده عنه...

لربما اشتهته نفوسنا الصغيرة...

فغرس فينا الإيثار لكل من نحب...


كنت أراقبه دوما حينما يأكل...

فاستغرب في رقيه وأدبه الجم وطريقة جلوسه وطريقة أكله...

كأنما هو رجل تعلم كل أصول الإتيكيت في معهد راق...

ورغم شدته...

فقد وقف مع كل ابن من أبنائه السبعة كلٌ حسب ظروفه وشخصيته...

تنازل كثيرا...وتفهم أكثر..حتى لا يفقد أحدهم و يخرج عن حضنه فيتوه في الحياة....

ومعنا نحن البنات الأربع...

فكان حنونا...معطاءا... ثاقب النظر...حكيما...

ينصحنا ويعطينا من خبرته في الحياة...


أما أمي فكان حبه لها معاكس ومغاير لكل ما اعتدناه من الرجل الشرقي 

حيث تسعى المرأة دائما لخدمته ورعايته وإرضائه...

كنت دوما أرى أبي هو من يحاول إرضاء أمي...

يمازحها..يساعدها في كل شيء...حتى عندما كبرت...

كانت تحكي لنا رحمها الله عن زواجهم وأيام شبابهم...

كيف كان إذا حملت واشتهت طعاما معينا..

يأتي به ويطبخه بنفسه حتى لا تضايقها رائحته ثم يقدمه لها...

وعندما تلد...

يكنس ويطبخ ويرعى الطفل معها ويحاول قدر استطاعته أن يعينها ويريحها...

لآخر يوم في حياته رحمه الله..

بقي معنا على مائدة طعام الإفطار في رمضان..

ثم اعتذر منا ونام...

واستيقظ بعدها ليسأل أمي عن السحور وماذا تريد أو تحتاج من أغراض ...

ثم قام وتوضأ وعاد لفراشه ليرحل بهدوء...

كل ما فيك أبي كان عظيما...

كل ما كنت تفعله أبي كان مدرسة...بل جامعة...تعلمنا فيها الكثير..

تعلمنا الحب بإخلاص...

والعطاء بلا حدود ...

والإيثار على النفس...

والطموح..

وحب العلم..والطيبة... 

والتسامح..

والنزاهة...في العمل وفي التعامل مع الآخرين..


أبي الحبيب...

رحمك الله رحمة واسعة..

فائضة على روحك الحبيبة..

أبي......

كم كنت.......

ومازلت....

يا حبيبي....


....)) ذلك العملاق ((....

 

عزيزة بنت أحمد العليّان

2007/12/20   الخميس   10/12/1428

هناك 16 تعليقًا:

غير معرف يقول...

ن يكون هناك عاطفه اجمل من عاطفة الاب ....

كيف وقد اختلطلت عند والدك "رحمه الله " كل تلك المشاعر ..

حظيظة انتي به .. وحظيظ هو بــــك ...

لن أقول اكثر فقد ابكتني حروفك ..
.
.
دمتي بافضل حال ..
.
.
دينا ..
.
.

غير معرف يقول...

عزيزه كتبتي فابدعتي... ابكتني حروفك و زادت احساسي بحاجتي للعوده الى وطني و الارتماء في حضن ابي..
رنا سفر..

جود الحزن يقول...

تعلمنا الحب بإخلاص...

والعطاء بلا حدود ...

والإيثار على النفس...

والطموح..

وحب العلم..والطيبة...

والتسامح..

والنزاهة...في العمل وفي التعامل مع الآخرين..




ماأعظم تلك المدرسه التي تخرجتِ منها

ايتها العزيزه..

دمتِ مبدعه

غير معرف يقول...

مدونة؟؟؟؟!!!!! معجم أراهالكل شاعر .. منبع لمن فقد المشاعر..... غصباً لها أنا أنحني... وبين أحرفها أرتمي .. شعري غدى جاف وضامر ... لاشعر بعدك أو مشاعر ... بعضي لك أرى ينتمي ... بظل شراعك هو يحتمي .. تهدي المحبة كل زائر .. برغم جرحٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ في القلب غائر ...
محبتك ،نورة القرشي

Aziza Al Olayan يقول...

دينا..ياذات القلب المعطاء..
من كانت بنفس عمق إحساسك تعرف معنى كل كلمة كتبتها وتشعر بها...وهنا تكمن الروعة...فمن يشعرون مثل مشاعري نحو آبائهم بعد الفقد كثيرون ولكن ..من يشعرون بها قبل الفقد..قلة
أدام الله لك والديك و أمد في أعمارهم..وجعلك دوما أبر الأبناء
كم سعدت باختبائك هنا في انتظاري

Aziza Al Olayan يقول...

رنو...لا أست'يع بداية سوى أن أقول...
وحشتيييييييييييييني...بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى....
معك كل الحق...ليس هناك ما يوازي أن ترتمي في حضن ابيكي...أمد الله في عمره هو ووالدتك وأعادك لنا بالسلامة
كم فوجئت وسعدت حينما رأيتك هنا في بيتي الصغير

Aziza Al Olayan يقول...

غاليتي..صاحبة القلم الأبيض كقلبك...جود الحزن...
نعم لقد جاد الحزن علي بفرح..حين وجدتك هنا...
سعيدة بوجودك..واتمنى أن أجدك دوما في بيتي هنا..حيث ينطلق الحرف بلا حساب..فيسطر الكثير من أصدق مافي القلب

Aziza Al Olayan يقول...

مبدعتنا الحبيبة...نوارة...
سأبقى هنا لساعات وأيام..أمسك قلمي محاولة الرد بكلمة ولا أستطيع كم ..
أبهرتني كلماتك ..أثرت في قلبي واقشعر بدني...ولم أجد سوى أن أسألك سؤالا واحدا.....
من أين تأتين بهذا الكلام؟؟
نورة...معجبة أنا بكل ما تسطرين...وكون سطورك هذه خاصة بي فأنا أشعر أن أستاذتي التي أحب علقت نيشان على صدري...
دمتي لنا أختنا الرائعة

غير معرف يقول...

ابلتي الحبيبه ..
الله يرحم والدك ووالدي ووالدتي ووالدتك وجميع موتى المسلمين ..
سنظل نذكر تلك القلوب الرحيمه..
سنظل نبكي فراقهم لا موتهم ..

موتانا..
بالامس كنا معهم..
واليوم نبكي فراقهم..
وغدانتبسم لذكرياتهم..

اوركيديا يقول...

اهنيك على الوالد العزيز رحمة الله عليه

تعرفي .. انا اشوف الاب زي الملك بكل خصائصه

وبعد قرائتي لمدونتك عرفت انو حقيقي والدك كان ملكا تازلواعطى من قلبه

لاسرته لتنمو وتزدهر وهوا طبعيا الكسبااان..

حين يكبر ويستريح يتقوى بمتانة مملكته

اختك نجلا اوركيديا

غير معرف يقول...

كم أنت رآئعة ..

إستمري ,,~

جمعك الله لوالديك في جنة عرضهآ السمـــآوآت ..~

اختك .. فآتن ..~

غير معرف يقول...

كم أنت رآئعة ..

إستمري ,,~

جمعك الله لوالديك في جنة عرضهآ السمـــآوآت ..~

اختك .. فآتن ..~

غير معرف يقول...

كم أنت رآئعة ..

إستمري ,,~

جمعك الله لوالديك في جنة عرضهآ السمـــآوآت ..~

اختك .. فآتن ..~

غير معرف يقول...

كم أنت رآئعة ..

إستمري ,,~

جمعك الله لوالديك في جنة عرضهآ السمـــآوآت ..~

اختك .. فآتن ..~

... سعد الحربي ... يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
... سعد الحربي ... يقول...

الله يرحمه ويغفر له ويجمعك فيه وبأحبابكِ في الفردوس الأعلى من الجنة.

كلمات بحق صادرة من القلب وكان محلها القلب بكل تأكيد.

الله يسعدكِ أختي

وقد تشرفت بمصافحة مدونتكِ الراقية والرائعة بمواضيعها وصورها الشيقة.

موفقة أختي.